Image djamal_hikma1
BASMALA

كيفية بناء و نحت المصطلح العلميHow to build and sculpt scientific term


المصطلح العلمي العربي
للأستاذ الدكتور شوقي ضيف


تعريف المصطلح العلمي:
هو الكلمة أو العبارة الاصطلاحية في أي فرع من فروع العلم، وتبدأ بسيطة محدودة ثم تأخذ في النمو والتكاثر حتى تبلغ الآلاف في أي علم، وبذلك تفصله عن اللغتين اليومية والأدبية، إذ اللفظة والعبارة فيهما حرة لا تتقيد بحقائق معينة. وللعلماء الحرية الكاملة في وضعها، ومن قديم يقول أسلافنا: لا مشاحة أي لا جدال في الاصطلاح.
المصطلح العلمي العربي:
لم يكن للعرب في الجاهلية مصطلحات علمية، إذ كانوا لا يزالون في طور البداوة والحياة الفطرية، فلما نزل الإسلام في ديارهم رأوا فيه شريعة إلهية ذات فروض لا عهد لهم بها مثل الصلاةِ الفريضة المكتوبة على المسلم، وأصل معناها الدعاء،

وانتقلـت إلـى الفريضة المعروفة شرعًا ومثلها الصوم ومعناه اللغوي الإمساك، فدل شرعًا على الإمساك عن الطعام من مطلع الفجر إلى غروب الشمس، والزكاة وكانت دالة على النماء فأصبحت دالة شرعًا على ما يعطيه من المال صاحبه للفقراء والمساكين، ومثل الحج كان دالاً على معنى القصد، فأصبح دالاً في الشرع على قصد الكعبة في أشهر معلومات بإحرام وطواف ونسك معروف. وتَبِع هذه الفرائض فروضٌ وضعت لها مصطلحات مثل ما يتبع الصلاة من الوضوء والتيمم والركوع والقيام والسجود. ولم يحدث ذلك في العبادات وحدها، فقد حدث في المعاملات وفي كثير من فروع الشريعة والفقه. وأخذت علوم كثيرة تنشأ حول القرآن مثل علم القراءات ومصطلحاته، ومثـل علوم

اللغة والنحو وعلوم البلاغة
وأخذ العقل العربي يتلقى في القرن الثاني الهجري علومَ الأمم الأجنبية من طبيعة وكيمياء ورياضيات وحيوان ونبات وطب وصيدلة وزراعة وهندسة وفلسفة ومنطق، وأخذت الدولة العباسية تنفق ـ منذ القرن الثاني الهجري ـ نفقات كثيرة على المترجمين إلى العربية من السريان واليونان والفرس والهنود. ولم يلبث هارون الرشيد أن أنشأ دار الحكمة للنهوض بالترجمة، جعل أمينها يوحنا بن ماسويه، وجعل كتّابًا حاذقين يكتبون بين يديه.
وتحولت هذه الدار في عهد المأمون إلى مؤسسة علمية كبيرة، واختار لها أعظم المترجمين:حنين بن إسحاق، وأعظمَ الرياضيين: الخوارزمى مخترعَ علم الجبر. وازدهرت حينئذٍ الحركتان: العلمية والفلسفية في القرون التالية حتى القرن السابع الهجري.

وعادت الحركة العلمية إلى الازدهار منذ عصر محمد علي وإرساله البعوث إلى فرنسا، وقامت نهضة علمية كبيرة في القرن التاسع عشر، وما لبث الإنجليز أن احتلوا مصر سنة1882م وعملوا على إضعاف حركتها العلمية، وقاومهم المصريون وأنشؤوا الجامعة المصرية وبدأت أهليةً سنة 1908 م ثم تحولت حكومية سنة 1925م وواكبها نشاطٌ في وضع المصطلحات العلمية وصدور بعض المعاجم مثل معجم أسماء النبات للدكتور أحمد عيسى سنة 1926م، جمع فيه كل ما عرف من أسماء النباتات في المؤلفات العربية، وصدر في العام نفسه قاموسُ أو معجمُ الدكتور محمد شرف في العلوم الطبية والطبيعة، ويضع فيه المقابلات العربية للمصطلحات الأجنبية، ويضم أكثرَ من أربعين ألف مصطلح علمي أجنبي.
وقبل وضع هذين المعجمين ظهرت دعوات لقيام مجمع لغوي، وتسمى أولاها دعوة مجمع البكري سنة 1892 م ولم يكتب لها تحقيق ذلك، وفي سنة 1908م نادت بذلك دعوة في نادي دار العلوم، ولم تحظَ بالبقاء طويلاً، ومثلها دعوة دار الكتب سنة 1916م لمديرها حينئذٍ أحمد لطفي السيد إذ فكر في تكوين مجمع لغوي واقترح أن يكون أهليًّا لا حكوميًّا، وتألف من ثمانية وعشرين عضوًا: خمسة وعشرين من العرب، وثلاثة أعضاء من إيران والسريان2 والعبرانيين، ورأسه الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر، وقرر بعض ألفاظ في مسميات الحضا2رة والحياة العامة، ولم يكتب لها البقاء، وقامت الثورة المصرية سنة 1919 م وانفض هذا المجمع.
إنشاء المجمع اللغوي
صدر المرسوم بإنشاء المجمع سنة 1932م وجَعلَه تابعًا لوزارة المعارف العمومية (وزارة التربية والتعليم الآن) وحدد المرسومُ أهدافه في المادة الثانية منه ببذل الجهود للحفاظ على اللغة العربية، وجعلها وافية بحاجات العلوم والفنون وشؤون الحياة في العصر الحاضر، وتهيئة الوسائل لذلك بوضع المعاجم وغيرها، والتنبيهِ على ما في العربية من الألفاظ والصيغ العلمية، والعمل على وضع معجم تاريخي لغوي، والعنايةِ بدراسة اللهجات العربية الحديثة في مصر وغيرها من الأقطار العربية، واتخاذِ كل الأسباب لتقدم العربية.
وهي أهداف علمية ظلت بالمجمع طوال سنوات متعاقبة، فقد دأب في الحفاظ على اللغة العربية الفصحى بين شعوب الأمة العربية وتمكنها من التعبير السائغ عن متطلبات العلوم والفنون العربية والتكنولوجيا المعاصرة ومواكبة الفكر العالمي ووضع المعاجم السديدة والمصطلحات العلمية والفنية الحديثة.
وفي المادة الثالثة من المرسوم أن المجمع يُصدر مجلة تضم بحوث أعضائه، وما يريد التنبيه على استعماله أو تجنبه من الألفاظ. ويعنى المجمع بتحقيق بعض نفائس التراث العربي التي يراها ضرورية لأعماله ودراساته اللغوية ويعمل على نشرها.
وفي المادة الرابعة من المرسوم أن المجمع يتكون من عشرين عضوًا عاملاً من بين العلماء المعروفين بتعمقهم في اللغة العربية أو ببحوثهم في فقهها ولهجاتها دون تقيد بجنسية الأعضاء، كما صنعت الأكاديمية الفرنسية. وبذلك اصطبغ المجمع اللغوي المصري في نشأته بصبغة عالمية، وتتضح في أعضائه العشرين الذين عُيِّنوا في تأسيسه، إذ عُيِّن فيه عشرة من المصريين، وضُمَّ إليهم خمسة من كبار المستشرقين الغربيين، وخمسة من علماء العربية النابهين في البلاد العربية.

وفي المادة التاسعة يدعى المجمع للانعقاد مرة كل سنة لمدة شهر على الأقل؛ لينظر في الموضوعات المنوطة به ويتخذ فيها القرارات، واختيار رئيسه وأعضائه.
ويَعْقد المجمع في المؤتمر العلمي السنوي عشرين جلسة يتدارس فيها المسائلَ المعروضة عليه ويناقشها مناقشة علمية دقيقة. ويعهد المجمع في كل علم من علومه إلى لجنة تختار من بين أعضائه، ويجوز أن يدعى إلى اجتماعات اللجان بعضُ العلماء المختصين في الموضوعات المطروحة وتكون آراؤهم استشارية. وتُلْحق ميزانية المجمع بميزانية وزارة المعارف العمومية. وتتولى تلك الوزارة إدارة الأموال التي قد ترد إلى المجمع تبرعًا. وتتولى وزارة المعارف العمومية طبع ما يحتاجه المجمع، وتتخذ كل الوسائل لإذاعة قرارات المجمع في شؤون اللغة وألفاظها وتراكيبها، لاستخدامها في مصالح الحكومة وفي التعليم والكتب الدراسية المقررة ويُلْحق بالمجمع الموظفون اللازمون لأعماله.

ونصت لائحة المجمع على أن للمجمع الحقَّ في دراسة قواعد اللغة وأن يتخير من آراء السابقين ما يوسع القياس فيها لتفيَ بالأغراض العلمية، وأن يستبدل بالألفاظ العامية والأعجمية غيرها من الألفاظ العربية التي استخدمها الأسلاف، فإن لم توجد أسماء عربية قديمة وُضعت أسماء جديدة عن طريق الاشتقاق أو المجاز أو غيرهما.
وإذا تعذر ذلك لجأ المجمع إلى التعريب، ويقوم المجمع بوضع معجمات لمصطلحات العلوم والفنون، ويضع معجمًا كبيرًا يجمع شوارد اللغة مع بيانه لأطوار كلماتها. وفيما يختص بالأعضاء تنص اللائحة أن يُرَشِّح العضوَ العاملَ الجديد عضوان عاملان بتقرير كتابي وافٍ يبين مكانة العضو العامل العلمية، ويَتم انتخابه سريًّا.
وجعلت اللائحة للرئيس المحافظة على نظام الجلسة ومراعاة القانون واللائحة، وهو الذي يمثل المجمع ويتحدث عنه ويدير المناقشات ويشرف على سير أعمال المجمع، وهو الذي يفتتح الجلسة ويختتمها. ويُنْتَخَب الأمين العام بالأغلبية المطلقة لمدة أربع سنوات، ويشرف على تحرير محاضر الجلسات، وعلى ما ينشره المجمع، وعلى شؤون مكتبته، ويوقِّع على جميع الأوراق الخاصة بمسائل المجمع.
صَوْغُ المجمع للمصطلحات العلمية

تختلف اللغات في مدى قابليتها ومرونتها لاستخدام المصطلحات العلمية، ومرونة اللغة العربية ومدى قابليتها لتلك المصطلحات لا تكاد تحد، وقد استطاعت ـ بعد الفتوح الإسلامية- أن تتحول سريعًا من لغة بدوية إلى لغة متحضرة، كما استطاعت أن تتحول سريعًا إلى لغة علمية، وازدهر فيها العلم وفروعه في العصر العباسي ازدهارًا عظيمًا بفضل مرونتها الهائلة، ومرونة أهلها لها تميِّزها بالسعة في اشتقاقاتها سعة لم تعرف للغة سواها، إذ تزخر بصيغ شتى للأسماء: كاسم الزمان واسم المكان والمصدر الميمي واسم المصدر واسم الآلة وأسماء الحرف والألوان وأسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة، سوى السيول التي لا حصر لها من الأسماء العربية، حتى قال اللغويون: إن أصولها ترجع إلى سبعين ألف مادة. وهذه المادة بل المواد الغنية في الأسماء تقترن بها مواد غنية في الأفعال، فكل فعل ثلاثي يمكن أن يصبح رباعيًّا بصيغ أفعل وفعَّل وفاعل أو خماسيًّا بصيغ انفعل وافتعل وتفعل وتفاعل وافعلَّ، أو سداسيًّا بصيغ استفعل وافعَوَّل وافْعوعل، وبالمثل كل فعل رباعي يمكن أن يصبح خماسيًّا بصيغة تفعلل أو سداسيًّا بصيغة افعلَّل وافعللَّ.

واستطاعت العربية في العصر العباسي بهذه السعة الهائلة في اشتقاق الأسماء والأفعال أن تتحول سريعًا من لغة البداوة ومعارفها السطحية إلى لغة علمية، وبلغت فيها بالعلم إلى عصر ذهبي لا يقل مجدًا عن عصر العلم المجيد للغة اليونانية إن لم يفقه مجدًا وازدهارًا. وَوُضِع في العربية حينئذٍ كثير من المصطلحات في مختلف العلوم اللغوية وغيرها، واستعانوا في ذلك بطبيعة اللغة الاشتقاقية، يستمدون منها ما يريدون من المصطلحات العلمية عند الإغريق وغيرهم كالفرس والسريان، ولم يجدوا حرجًا من الإسراف في ذلك. واستقر في نفوس المجمعيين وجوب الوصل بين المصطلحات العلمية القديمة للأسلاف ومصطلحات العلم الحديثة. وفي الدورة الأولى تقرر تفضيل المصطلحات العلمية القديمة في الصناعات وغيرها على المصطلحات الحديثة، واتسع نقاش المجمعيين ـ منذ الدورة الأولى ـ في أربعة موضوعات تتصل بصوغ المصطلحات العلمية الحديثة وهى: النحت والتعريب والتوليد والترجمة، ونتحدث بكلمات مجملة عن كل منها.
النحت

النحتُ نوع من الاختصار في التعبير، وهو صوغ كلمة من كلمتين أو أكثر، ونَحَتَ الأسلافُ صيغًا كثيرة، فقالوا : (سَبْحلَ) من (سبحان الله)، و(حمدل) من (الحمد لله)، و(بَسْمل) من (بسم الله)، و(حوقل) من : (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وقالوا: (الفنقلة) من قولهم: (فإن قيل). وقالوا (الفذلكة) من قولهم (فذلك كذا)، وقالوا في النسب إلى قبيلة (عبد شمس): (عبشمي)، وإلى (حضر موت) : (حَضْرمِىّ).
واختلف علماؤنا السابقون في النحت هل هو سماعي أو قياسي، وترى الكثرة أنه سماعي، غير أن بعض المعاصرين أجازوه قائلين: إن ما فيه من ثقل يخف بكثرة الاستعمال على الآذان. وارتضى المجمع استعماله في المصطلحات وخاصة حين تلجأ إليه الضرورة العلمية.
المعرب
عني المجمع بتعريب المصطلحات الأجنبية منذ دورته الأولى، وكان أول قرار له فيه إجازته على طريقة العرب في تعريبهم، وظلوا يناقشون موضوع التعريب في الدورات التالية، ويتخذون فيه القرارات، من ذلك قرار النطق بالمعرب قديمًا من الأعلام كما عربها نصارى المشرق، من ذلك بطرس في (Peter) وبقطر في (Victar) وبولس في (Paul) ويعقوب في (jecab) وأيوب في (job). ويحسن مراجعة القواعد التى أقرها المجمع في كتابة الأعلام الأجنبية في كتاب "مجموعة القرارات العلمية".
وواضح من أول قرار للمجمع في المعرب أنه أباح تعريب الألفاظ الأجنبية إذا لم يكن لها نظير في العربية عند الضرورة، سواء أكان اللفظ على أوزان العرب أو لم يكن على أوزانهم، وقرر سيبويه ذلك في المعرب قديمًا. وتشدد ابن بري اللغوي المصري في ذلك بالقرن السادس الهجري؛ إذ رأى فيما خالف أوزان العرب أن نلتزم فيه جميع حركاته.

واتضح لعلماء العرب أن ما في العلوم من المصطلحات الغربية العلمية القديمة قليل، وأن مصطلحات العلوم الغربية الحديثة تعد بالآلاف، فضلاً عن أنها تتجدد باستمرار، فإن نحن لم نتوسع في قبولها أغلقنا بأيدينا أبوابًا واسعة من تعريب المصطلحات العلمية الغربية الحديثة، مع ملاحظة أن لغة العلم ليست لغة محلية بل هي لغة عالمية، وفي ذلك ما يسوِّغ للمجمع فتحَ باب التعريب، ودعا ذلك العربية من بعض الوجوه إلى الاستعانة بلغتين قديمتين هما اللاتينية واليونانية فاتخذت العربية كثيرًا من ألفاظهما مصطلحات علمية دقيقة لها حين توجد الحاجة العلمية الملحَّة.
التوليد

المراد بالتوليد هنا اطراد قواعد الاشتقاق على المصطلحات العلمية الأجنبية المعربة، وعد الأسلاف ذلك من باب التوليد، وأباحه المجمع بشرطين: إذا أساغه الذوق، واتضحت حاجة المجمع إليه، ومما أجازه المجمع من ذلك:
1-  بستر بسترة، والفعل مأخوذ من لويس باستير صاحب طريقة خاصة في التعقيم، ومنه يقال لبن مبستر.
2-  بلور بلورة، من البلور المعرب قديمًا.
3-  تلفن من كلمة التليفون المعربة
4-  فبرك، من الفابريكة، والفعل يدل على صنع الشيء بآلة الفابريكة.
5-  كهرب كهربة، من الكهرباء المعربة.
6-  تلفز، إذا تحدث في التليفزيون المعرب.
7-  أكسد أكسدة، فهو مؤكسِد بكسر السين، ومؤكسَد بفتح السين، وتأكسد تأكسدًا من الأكسدة المعربة.

ويطبق ذلك العلميون في مصطلحات علمية معربة كثيرة.
الترجمة

هي الوسيلة الغالبة في صوغ المصطلحات العلمية الأجنبية، ودائمًا تكبُّ اللجان العلمية في المجمع على البحث عن ألفاظ عربية تصلح أن تكون أسماء تطلق على تلك المصطلحات. ويغلب أن يؤدَّى المصطلح الجديد في العربية بلفظ مفرد، حتى يصبح علمًا واضحًا عليه، شأن العربية فيما وُضع فيها من مصطلحات علمية قديمًا. ويمكن الاستعانة في الترجمة بالمبادئ والأسس التي قدمها الأستاذ الدكتور المرحوم محمود مختار إلى المجمع نهجًا علميًّا في الترجمة ومما جاء فيه:
أولاً: وضع المقابل الإنجليزى أو الفرنسي بجوار المصطلح العربي المقترح مع الاستضاءة بالأصل اللاتيني أو الإغريقي إن وجد، ومع مراعاة أن يؤدِّي المصطلحُ العربي بوضوح مدلولَ المصطلح الأجنبي.
ثانيًا: إيثار الألفاظ غير الشائعة لأداء المصطلحات العلمية دون أى لَبْسٍ مثل تفضيل كلمة امتِزاز على كلمة امتصاص، ولذلك لجأ الغربيون في المصطلحات العلمية إلى استخدام كلمات ترجع إلى أصول لاتينية أو إغريقية.
ثالثًا: التعريب عند الحاجة الملحة، وذلك إذا كان المصطلح يعود إلى أصل لاتينى أو يوناني أو شاع استعماله دوليًّا أو كان منسوبًا إلى عَلَمٍ عُرف به بين العلماء مثل ديناميكا Dynamics ونيوترون Neutron إلى غير ذلك.
رابعًا: عَدُّ المصطلح المعرب عربيًّا، وإخضاعه لقواعد اللغة في الاشتقاق وغيره إن أمكن، فمثلاً كلمة أيونIon المعربة تثنى وتجمع فيقال: أيونان وأيونات، ويوصف بها فيقال: جهد أيوني، ويشتق منها الفعلان: أيَّن وتأيَّن، واسما الفاعل والمفعول، فيقال غاز مؤيَّن وأشعة مؤيَّنة. وينحت من الكلمة حين تضاف إلى كلمة أخرى فيقال مثلاً: كايتون (أي أيون كاثودي).
خامسًا: صوغ لفظة مفردة للمصطلح ما أمكن، إذ العربية تميل في المصطلحات إلى الألفاظ المفردة، ويساعد ذلك على تسهيل الاشتقاق والنسبة والإضافة، ولذلك يفضل التعريب أحيانًا على الترجمة، فمثل كلمة ترمومتر المعربة أخف من ترجمتها بمثل مقياس درجة الحرارة.
سادسًا: توحيد المصطلحات المشتركة عربية أو معربة ذات المعنى الواحد بين فروع العلم المختلفة مثل: نترون وإلكترون المتداولين في كثير من العلوم.
سابعًا: تبين الفروق الدقيقة بين الألفاظ المترادفة والمتقاربة المعنى مثل كلمتي المقاومة والممانعة.
ثامنًا: يعرف المصطلح العلمي تعريفًا بينًا واضحًا. وتكتب الأعلام الأجنبية والمصطلح المعرب بالصورة التي ينطقان بها في لغتيهما.
تاسعًا: تكتب المصطلحات الأجنبية في المعاجم مبدوءة بحروف صغيرة إن لم تكن أعلامًا. ولا يعرف المصطلح العربي بالألف واللام تيسيرًا للكشف عليه في المعجم.

اللجان العلمية ووضع مصطلحات العلوم ومعاجمها المختلفة:

أنشأ المجمع ـ منذ قيامه ـ لجانًا علمية متعددة في فروع العلوم المختلفة، وأسندها إلى كوكبة من أعلام المجمعيين في مختلف التخصصات العلمية، وحين تتصدى لوضع مصطلح ترجمة أو تعريبًا يدرس المصطلح معنى ومبنى وأصله اللاتيني أو اليوناني، ويبحث عن أفضل الألفاظ المقابلة له، وإذا استعصى عليها أن تجد له مقابلاً عربيًّا مناسبًا لجأت إلى التعريب، كما صنع العرب قديمًا حين عربوا ألفاظًا عن اليونانية والسريانية والفارسية، وجارى العرب المحدثون القدماء في التعريب عن اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية. ولا تماثل العربية لغة في مرونتها وسعة اشتقاقاتها مما أتاح لها القدرة على وضع المصطلحات الحديثة لجميع فروع العلم والفلسفة.
وتكب اللجان العلمية على وضع مصطلحاتها في العلوم مع ما يقابلها من المصطلحات الأجنبية ومع تعريفها دقيقة، وبلغ عدد اللجان العلمية في المجمع ثلاث عشرة لجنة علمية، وفي مقدمتها لجنة القانون، وقد أتمت معجمها سنة 1997 م في القرن الماضي، ويحمل ثلاثة عشر فرعًا من فروع القانون، وهي فروع : القانون المدني، والقانون التجاري، وقانون المرافعات، والقانون الإداري، وقانون التأمين، وقانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجنائية، والقانون الدستوري، والقانون الدولي العام، والقانون الدولي الخاص، والقانون البحري، والقانون الجوي، وقانون التشريعات الاجتماعية.
وفرغت لجنة الطب من وضع أمهات المصطلحات بفروع الطب الأساسية، وتبلغ نحو خمسة وعشرين ألف مصطلح طبي، وافق المجمع على بضعة آلاف منها في التشريح وعلم الوظائف والبكتريا والكيمياء الحيوية، والرمد والصحة، وعلم الأمراض، والطب الباطني، وطب المناطق الحارة، والطب الشرعي، وأمراض الجلد، وعلم الأنسجة، والجراحة، وعلم أمراض النساء والولادة، وطب الأسنان.

وتَعمل اللجنة الآن في إعداد معجم طبي عام صدر منه حتى الآن ثلاثة أجزاء.
وتعنى لجنة علوم الأحياء والزراعة بدراسة مصطلحات علوم النبات والحيوان والحشرات والبحار والزراعة. وبلغت جملة المصطلحات التي درستها اللجنة ووضعت لها المقابلات والتعريفات نحوَ عشرة آلاف مصطلح . ووضعت اللجنة بحوثًا قيمة في أنواع الحيتان والثعابين وألفاظ النخيل. ووضعت مصطلحات التحضيرات الخاصة بالفحص المجهري. وراجعت طائفة من المصطلحات التي أصدرتها منظمة الأغذية والزراعة الخاصة بالبيئة النباتية مراجعة لغوية وعلمية دقيقة.ووضعت مصطلحات تصنيف الكائنات الحية.

وصدرت للمجمع في عام 1965م الطبعة الأولى من معجم الجيولوجيا، وبه 1500 مصطلح، وتوافرت للجنة أعداد كثيرة من مصطلحاته، فأعادت طبعته الأولى في طبعة ثانية، ونشرتها سنة 1982م حاملة خمسة آلاف مصطلح في مجلات الجيولوجيا الطبيعية وعلم الصحة، وعلم البلورات والجيولوجيا الاقتصادية والجيولوجيا التطبيقية، وزُوِّدَ المعجم بفهرس هجائي عربي شامل للمصطلحات ونحو 238 رسمًا.

وأصدرت لجنة الفيزيقا في عام 1974م معجم الفيزيقا النووية والإلكترونيات في ألف ومئتي مصطلح، وأتبعته في سنة 1984م بالجزء الأول لمعجم الفيزيقا الحديثة، ولم يلبث أن نشر في سنة 1986م الجزء الثاني للفيزيقا الحديثة، ويحمل الجزآن (5000) مصطلح علمي تناولت جميع فروع علم الفيزيقا وتطبيقاته.
وصدر الجزء الأول لمعجم الحاسبات سنة 1978م شاملاً سبعمئة مصطلح ثم صدر منه جزآن وهو ثمرة من ثمار العلم الحديث الذي يتناول المعالجة الإلكترونية للمعلومات. واللجنة المختصة بصدد إخراج معجم وسيط في هذا التخصص الحديث.
والجزء الأول من معجم الكيمياء والصيدلة صدر سنة 1983م حاملاً (3200) ثلاثة آلاف ومئتي مصطلح، وصدر الجزء الثاني شاملاً(3000) ثلاثة آلاف مصطلح، وبين يدي اللجنة مادة كبيرة نحو سبعة آلاف مصطلح، تمهيدًا لطبعها. وتشمل المصطلحات: علوم الكيمياء العضوية، وغير العضوية والفيزيقية، والكيمياء التخليقية، والصيدلية، ونظرًا لتنوع التركيب الكيميائي للمادة وضع نظام ييسر صوغ المصطلحات ترجمة أو تعريبًا. وعندما استعصت الترجمة لجأت اللجنة إلى التعريب في المركبات الكيميائية والأحماض والمواد.

وصدر الجزء الأول من معجم النفط سنة 1993م مشتملاً على أربعة آلاف وخمسمئة مصطلح للمصطلحات العلمية والفنية والتكنولوجية المتصلة بالنفط وعمليات الحفر والاستكشاف والإنتاج والتسويق وغيرها.
وصدر للمجمع الجزء الأول من معجم الهندسة، وبالمثل من معجم الهيدرولوجيا.
ووضعت لجنة التربية وعلم النفس الجزء الأول من مصطلحاتها مع تعريفاتها، وبالمثل وضعت لجنة التاريخ مئات المصطلحات في التاريخ القديم والإسلامي والحديث، والأمل معقود على لجنته لوضع معجمه نهائيًّا، ونشرت لجنة الجغرافيا من قديم معجمًا جغرافيًّا قيمًا، والأمل معقود على اللجنة لإكمال معجم السكان.
وأختم حديثي عن معاجم المجمع بالأجزاء الثلاثة النفيسة التي وضعتها لجنة الرياضيات وأخرجتها إخراجًا علميًّا رائعًا.
توحيد المصطلحات العلمية العربية

كان من أهم الأسباب في ازدهار حركتنا العلمية قديمًا توحيد المصطلحات العلمية في أوطاننا العربية، مما هيأ لقيام وحدة علمية بين علماء العرب في جميع ديارهم وأقطارهم من أقاصي إيران إلى أقاصي الأندلس، ولنضرب مثلاً بعلم الطب، فمصطلحاته عند ابن سينا في بخارى أو غيرها من مدن إيران التي نزلها هي نفسها مصطلحات الأطباء في جميع بلدان العالم العربي لا فرق فيها بين بلد في الشرق وبلد في الغرب ولا بين عالم في الأندلس وعالم في مصر أو في العراق. وأتاح ذلك للعلوم العربية نهضة كبرى؛ إذ تعاون في كل بلد عربي علماؤه مع جميع العلماء من العرب في كل مكان، والعلم يخطو دائمًا إلى الأمام بجهود العلماء المشتركة، وكثيرًا ما كان يحدث رحيلُ عالم من وطن إلى وطن عالم عربي آخر سمع به ليحاوره في آرائه العلمية على نحو ما نعرف عن ابن بطلان العراقي الطبيب ورحيله إلى مصر، ليلقى طبيبها ابنَ رضوان، ويحاورَه في بعض آرائه الطبية وظل بالقاهرة ثلاث سنوات يحاوره فيها ويناقشه في مشاكل الطب وأمراضه وأدوائه. ولو أن مصطلحات علم الطب لم تكن موحدة في زمنهما ما استطاع هذان الطبيبان العراقي والمصري التفاهم، وهو ـ دون ريب ـ ثمرة الوحدة العلمية في الطب التي كانت قائمة حينذاك بين علماء العرب في الطب وغير الطب.

وهي وحدة يفتقدها العرب اليوم؛ إذ لا تجد قطرين عربيين يتفقان على مصطلحات علمية في أي علم، ومن أهم الأسباب في ذلك ما كان من الاحتلال الإنجليزي والفرنسي لديارنا وسيطرة الدولتين على التعليم بلغتيهما في البلدان التابعة لكل منهما، فاختلفت الصيغ العلمية في البلدان المحتلة بالإنجليز عما يقابلها من الصيغ في البلدان العربية المحتلة بالفرنسيين، وأدى ذلك إلى بلبلة واسعة في نطق المصطلحات العلمية بالبلدان العربية.
ومن الحق أن المجمع اللغوي القاهري يتخذ فكرة توحيد المصطلحات العلمية في العالم العربي شعارًا له، حتى يعيد للعرب وحدتهم العلمية، ويتخذ لذلك وسائل كثيرة منذ إنشائه، منها: أنه راعى منذ تأسيسه أن يضم إلى أعضائه المصريين العشرة المؤسسين له خمسةً من الأعضاء اللغويين في العراق وسوريا ولبنان وتونس، واتسع المجمع بالفكرة بعد ذلك فضم إليه أعضاء لغويين من المغرب والجزائر وليبيا وفلسطين والأردن والسعودية واليمن، وهم مع رئيس المجمع القاهري وأمينه العام ورؤساء المجامع اللغوية يكوِّنون اتحاد المجامع اللغوية، وبعد انعقاد مؤتمر المجمع مباشرة ينعقد اتحاد المجامع اللغوية ويدرس ما يعرض عليه من الاقتراحات والأعمال اللغوية العلمية ابتغاء النهوض بها في العلوم المعاصرة في وحدة علمية، ولن يتم ذلك إلا إذا توحدت المصطلحات العلمية في جميع أقطارنا العربية، كما كان الشأن عند أسلافنا، فمصطلحات علم مثل الطب في كتاب القانون لابن سينا هي نفسها مصطلحاته في مؤلفات مهذب الدين الدخوار، وابن القف في دمشق، ومؤلفات ابن رضـوان وابـن النفيس في القاهرة، ومؤلفات أحمد الجزار في بيت الحكمة بتونس، ومؤلفات الزهراوي، وابن رشد في قرطبة. وهو ما نأمل أن يتم مثله في عصرنا لمجامعنا اللغوية.

وينشر مؤتمر المجمع القاهري سنويًّا قراراته ومصطلحاته ويرسلها إلى الهيئات العلمية في الأقطار العربية، ويتقبلونها تقبلاً حسنًا ويستظهرها بعض علمائهم في معاجمهم العامة على نحو ما يرى في معجم المورد اللبناني. وكل ذلك يدل بوضوح على أن ما تأمله البلاد العربية من تعريب التعليم الجامعي في عصرنا يوشك أن يتحقق قريبًا.


نجوم



Al_Ihtiram
Image جمال

اليومية

Imagedjamal
Image and video hosting by TinyPic

يمكنك تغيير البلد و المدينة مباشرة بتحريك المصعد



Image and video hosting by TinyPic الأغواط

مدينة الأغواط

الساعة و التاريخ بالجزائر

مرحبا

مرحبا

وصف المدونة

مدونة تهتم بالفكر التربوي، بالإبداع التربوي و الإداري ، بالشخصيات التربوية، بأسرار التفوق ، و النجاح، ، بالفيديو التربوي، و بالصورة التربوية.

جديد/مدونة الدعاء الجميل إضغط على الصورة

الدعاء الجميل
تحويل التاريخ الميلادي إلى الهجري و العكس

مدونة كتب تهمك

الدعاء الجميل

مكتبة الدكتور الصلابي/اضغط على الصورة

أحدث المواضيع

الاكثر قراءة