هل ستجني التكنولوجيا على التربية؟
(قُوا
أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً)
تتسارع الأيام و معها تتسارع المكتشفات والمخترعات و يلهث الإنسان وراءها
اقتناء و استعمالا،
الغريب أننا في عالمنا العربي نمتاز بقدرة عجيبة
على التقليد و سرعة استهلاك للتكنولوجيا الحديثة دون أن نعير الانتباه لما تحمله
من جوانب سلبية، و السبب يعود إلى قلة إدراكنا للأسباب التي دعت إلى اختراعها ،أي ما
هي الحاجة التي دفعت الدول الصناعية للمسارعة إلى إنتاج هذه التكنولوجيات بينما
نردد دوما مقولة أن الحاجة هي أم
الاختراع....ترى فما حاجة الدول الصناعية؟
فمثلا دخل الهاتف المحمول إلى بيوتنا منذ
عشرين سنة تقريبا ،كان بسيطا و ذا استعمال
محمود ينحصر في التواصل المسموع و في سنوات قليلة تفوق الهاتف المحمول بميزاته
المتعددة الصورية و السمعية و التواصلية
على الكومبيوتر و سر التفوق هو أنه معنا في كل مكان لصغره و خفة حمله و هنا
مكمن الخطر..
حيث صار الهاتف في يد الصغير و الكبير
ناهيك عن الأمهات والمثقفات خاصة منهن ، و أدمن الجميع على اليوتيوب و منصات
التواصل الاجتماعي المختلفة فبقدر نفعه و ميزاته المتعددة التي لا ننكرها ،فقد صار
وحشا يلتهم
الأوقات كما تلتهم النار الحطب .و ما ادراك ما
الوقت سر الحياة.
و صارت الأم تفتح المحمول من بداية النهار
و لا تفارقه إلا عندما تخلد إلى النوم وكان كل هذا على حساب مراقبة الأبناء و
الاهتمام بهم و تكريس الوقت لهم، مما قلل فرص التربية الحقة التي كانت تحظى بها
الأجيال السابقة من الأبناء..و الكلام نفسه نقوله بالدرجة نفسها عن الآباء..لكن
للأم النصيب الأوفر.
أفلا نفكر بجدية كيف نوازن بين احتياجاتنا
و شغفنا و جرينا وراء منتجات اليوتيوب و غيره و بين احتياجات الطفل و الأسرة؟
و في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم رواه ابْنِ عُمَر رضي
الله عنهما:(...وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ
عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ
مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ...) .
خاطرة أخافتني...جمال بن السايح