الشاعر الكبير فاروق شوشة
(2016-1936)
في سبعينيات القرن الماضي ، كنا نتحلق في الشتاء البارد حول مذياعنا القديم (ترانزيستور )الذي كان يملكه والدي و يفتخر دوما انه ابتاعه منذ سنة 1960 ،و قد كان دوما يضبطه على أمواج إذاعة القاهرة التي ينبعث منها في كل ليلة برنامج "لغتنا الجميلة" للشاعر الكبير المرحوم فاروق شوشة ، و كم كان يحلو لي ان اتابع هذا البرنامج الرائع و استمتع بصوت شجي حنون يقرأ الشعر بطريقة ساحرة شادة جاذبة إنه صوت الشاعر فاروق شوشة رحمة الله عليه.
فمن هو فاروق شوشة؟
أورثته قريته حُبَّ الشّعر، هو القادم من قرية "الشعراء" بدمياط، صارت بينه وبين اللغة العربية علاقة خاصة، دافع عنها بقلمه ولسانه، وترأس مجمعها اللغوي، على مدار أعوامه الثمانين كان الشاعر فاروق شوشة مُدافعًا وحارسًا وحامياً للغة الضادّ.
كان برنامجه "لغتنا الجميلة" من أشهر البرامج الإذاعية، الذي اتخذه وسيلة لتعريف الجمهور بالعديد من الشعراء العرب، وعلى مدار 40 عاماً كان برنامجه محطة هامة للاعتناء بقضايا اللغة العربية.
يحكي شوشة عن كواليس إذاعة البرنامج في أحد حواراته؛ "فوجئت باتصال تليفوني من الإذاعي الشهير محمود شعبان (بابا شارو) بعد نكسة 1967، يطلب مني برنامجاً يُعيد الصلة بالقيم المعرفية والتراث العربي، فكان برنامج (لغتنا الجميلة)، الذي يبدأ ببيت للشاعر حافظ إبراهيم "أنا البحر في أحشائه الدر كامن.. فهل ساءلوا الغوّاص عن صدفاتي".
ترك برنامج "لغتنا الجميلة" أثرًا كبيرًا لدى جيل كامل تربّى على سماعه، كما تحوّلت حلقات البرنامج إلى مُجلدات لم يكتمل نشرها إلى الآن.
لم يكتفِ شوشة بالبرنامج الإذاعي، فقرر تقديم برنامجه الأشهر "أمسية ثقافية" عام 1977 الذي عاش على شاشة التليفزيون لـ 30 عامًا، واستضاف من خلاله العديد من الشعراء والكُتاب على مدار 150 حلقة، من أبرزها الظهور الإعلامي الوحيد للشاعر أمل دنقل.
لدى شوشة 14 ديوانًا شعرياً، أولها "إلى مسافرة" عام 1966. اهتم بقضايا الوطن العربي عبر شعره، مثل قصيدة "بغداد يا بغداد"، وقصيدة "الشهداء" التي أهداها لشهداء ثورة 25 يناير.
وقد حاز الشاعر على عدد من الجوائز الشعرية من بينها جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1997، وجائزة النيل.
توفي الشاعر الكبير يوم الجمعة :2016/10/14
نموذج من شعره، قصيدة بعنوان: أنا إليك
أنا إليك
أنا اليك مبتداى ، حاضرى ونهايتى
أشعلت أيامى فصارت نارها حقيقتى
فإن سألت عن هواى هذه حكايتى
ندية كوجهك الملئ بالطفولة
رخيمة كصوتك المنساب فى سريرتى
عميقة كعطرك الزكى فى حديقتى
حسبى على طول الزمان أنت حبيبتى
*****
لو نجمة تنير لى لو كان يهمس القمر
بأن موعدا لنا، نسرقه من القدر
فالتنطلق أنفاسنا، وشوقنا الذى أستعر
وليحمل النسيم الشجي بوحنا إن عبر
ولتسترح عيوننا....في واحة مدى البصر
ياكم تشاكينا ,
ظمئنا ,
ثم أقبل المط
جمال ابو أنفال