Image djamal_hikma1
BASMALA

أنوار المسجد



حكاية ُالأنوار المُضَاءة


بينما أنا اسير في الطريق إذ لحق بي فتى من الفتيان  تعوّد أن يلح علي بالسؤال كلما التقيته،و هي من الصفات التي أحبها فيه.. و من كثرة الترداد صرت كلما رأيته يستحث الخُطا نحوي أعرف أنه يريد أن يسألني عن شيء،فكنت أقابله بابتسامة يعرف من خلالها أنني أنتظر سؤاله..

لما وصل سلم علي كعادته بحرارة شادا على يدي بقوة و وَجهه تعلوه ابتسامة جميلة ينبعث  من خلالها الوُد الايماني و شرع يسالني عن صحتي و أحوالي .. فقلت له على الفور : ما في جعبتك يا هذا ؟ ! أكيد أن مقدمتك الطيبة و تمهيداتك تحمل في طياتها سؤالا معجزا كعادتك؟
قال : لا لا لا.. كيف يمكنني أن أحرجك يا أستاذي بل هي فكرة عنّت لي  اليوم و اردت أن أستشيرك قبل أن أحدث بلبلة و إحراجا للناس.

قلت : قل ما عندك أنت كعاتك تفكر و تسال و لا تتعجل في التصرف و هذا شيء جميل فيك!

قال : بربك أسالك يا أستاذ أليس من المعقول أن نقتصد في الكهرباء و إشعال الأضواء بإسراف في المساجد خاصة في صلاة الفجر حيث نأتي في هدأة الليل و الخشوع يملأ جوانحنا ويزيد هدوءنا و كثرة الأضواء هذه  و شدتها تقضي على هذا الخشوع في نفوسنا.. قل يا أستاذ ألا ينتبه هؤلاء إلى أنهم يسرفون من جهة ، و يؤذون المؤمنين من جهة أخرى؟

سكت هُنيهة و بقيت أتأمل وجهه و حرارة الصدق الذي يتكلم به، فغاضت ابتسامته  قليلا ثم قال : ما بك يا استأدي هل أخطات في شيء؟
قلت : متى عنَّت لك هذه الفكرة؟
قال :صباح هذا اليوم و أنا أصلي الفجر في المسجد!


قلت : سؤالك عبارة عن فكرة انتابتك مع تباشير الصباح نتيجة لانفعال انبعث من نفسك ، خاصة وأن خشوعك يزداد مع الأنوار الخافتة؟
قال: بالضبط  هذا ما قصدته ، الحمد لله فقد فهمتني أستاذي!
قلت: هكذا هي الفكرة التي تتولد عن حرارة العاطفة فهي ابنة الموقف و التفكير الآني .

قال : لم افهم كيف؟
قلت :أنت أتيت المسجد بهدف الصلاة لكن عقلك الباطني يقول لك أن الأضواء  الشديدة تًذْهب عنك الخشوع اليس كذلك؟
قال : هذا ما أشعر به فعلا يا أستاذ الستُ محقا؟

قلت :هل قرأت وردك القرآني  اليوم ؟
قال : طبعا و هل افرط فيه ! أنتهي منه دوما قبيل صلاة الفجر .
فابتسمت و قلت : بوركت .. فالسر يكمن هنا!
قال :حَيَّرتني يا أستاذ أفصح من فضلك..
قلت: أنت تأتي إلى المسجد و تتذوق حلاوة الإيمان و الخشوع في هدوء الليل و تحب خُفوت الضوء مع الصباح ..

قال : أي نعم! لكنني لم افهمك عندما سألت عن وردي القرآني و أن السر يكمن فيه؟
قلت : كما تشعر أنت ،فلغيرك شعور إيماني آخر ، و تذوق خُشُوعي من صنف  مُغاير ، فغيرك لا يستلذُ عبادة تلاوة القرأن إلا قبيل صلاة الفجر و هو في المسجد على الخصوص ..و هناك من يراجع حفظَه و لا يجد الهدوء إلا في المسجد.. فهل فهمت يا بني؟

سكت فترة و هو يفكر ثم قال صدقت يا سيدي لقد فاتني هذا؟! فالأنوار المُضَاءة بشدة لمثل هؤلاء و غيرهم ممن ضعف بَصَرُهم..

و تمتم قائلا : كيف غاب عني هذا ؟ استغفر الله.. استغفر الله.. شكر الله لك  يا أستاذ، أننا نخطئ كثيرا و نهرع للانتقاد و نحن ننظر بعين واحدة و وُجْهَة نظرنا فقط و ننسى وُجْهات النظر الأخرى...
ودعني بحرارة  و عيناه تشعَّأن ببريق الإنتصار..

 بقيت أفكر بيني و بين نفسي و أقول أن وُجهات نظرنا  ما هي إلا أفكارا، ولدت في لحظة  أنفعالية  مُحددَة ..فإذا تسرعنا في عرضها دون أن نشبعها تفكيرا أخطأنا من غير قصد ، بينما التَّأني يكسبُها نُضُوجًا.

جمال بن السايح -أبو أنفال

2019-01-10


المسجد  الكبير(الصفاح)-الأغواط - الجزائر- بني عام (1289هـ-1875م)




Share:

نجوم



Al_Ihtiram
Image جمال

اليومية

Imagedjamal
Image and video hosting by TinyPic

يمكنك تغيير البلد و المدينة مباشرة بتحريك المصعد



Image and video hosting by TinyPic الأغواط

مدينة الأغواط

الساعة و التاريخ بالجزائر

مرحبا

مرحبا

وصف المدونة

مدونة تهتم بالفكر التربوي، بالإبداع التربوي و الإداري ، بالشخصيات التربوية، بأسرار التفوق ، و النجاح، ، بالفيديو التربوي، و بالصورة التربوية.

جديد/مدونة الدعاء الجميل إضغط على الصورة

الدعاء الجميل
تحويل التاريخ الميلادي إلى الهجري و العكس

مدونة كتب تهمك

الدعاء الجميل

مكتبة الدكتور الصلابي/اضغط على الصورة

أحدث المواضيع

الاكثر قراءة