Image djamal_hikma1
BASMALA

اعتذار الدقيقة الواحدة



 اعتذار الدقيقة الواحدة 
لـ "كين بلانشلرد"

لعل كتاب "اعتذار الدقيقة الواحدة" من بين الكتب التي تركت أثراً مهماً في حياتي نظراً لما يحمل بين طياته من أفكار عظيمة حول المعنى الحقيقي للاعتذار الفعال عندما نرتكب خطأ ما. قدم هذا الكتاب في شكل قصة لموظف شاب يريد أن يساعد مرشده الذي يعمل رئيساً للشركة التي يعمل فيها على مواجهة بعض الأخطاء الفادحة التي ارتكبها وكيفية التعامل معها ولالتماس المشورة والنصح. 

استعان الشاب بصديق العائلة "مدير الدقيقة الواحدة" الذي علمه خطوة بخطوة كيف يتحمل الإنسان مسؤولية أخطائه مسؤولية كاملة وكيف يتعامل مع الأسباب التي أدت إلى الضرر والخسارة مع المحافظة في الوقت نفسه على إحساس أصيل بالاستقامة.

س1: هل سبق لكِ أن مررتِ بموقف سيء أو أخطأتِ وقمت بالاعتذار وعاد لك ذلك الوضع بشكل إيجابي؟


سلم بخطئك:
* عملية التسليم بالخطأ في اعتذار الدقيقة الواحدة لها جزءان أساسيان: الأول هو أن تدرك الخطأ الذي ارتكبته، والثاني هو أن تتأكد من أن الشخص أو الأشخاص الذين أصابهم الضرر من جراء هذا الخطأ يشعرون أنك على علم بخطئك. ولكي تسلم بخطئك يجب عليك أولا أن تتخلى عن فكرة أنك على صواب على الدوام، ثم تبدأ بعد ذلك في مواجهة حقيقة أن لديك بعض نقاط الضعف، وذلك بأن تكون صريحاً 100% مع نفسك. كما يجب عليك دائما تذكر هذا المفهوم الأساسي: " دقيقة واحدة من تصارحك مع نفسك تفوق في قيمتها أياماً أو شهوراً أو سنوات تقضيها في خداعها ".


يطلق على هذا الأسلوب اسم "اعتذار الدقيقة الواحدة" لأنه في معظم الحالات يمكن أن يقال في دقيقة واحدة على الرغم من أنه يحتاج إلى وقت أطول من هذا بكثير للإعداد له والتي يجب أن يكون فيها الإنسان صادقاً مع نفسه تماماً ويقرر تحمل مسؤولية الأخطاء التي ارتكبها وإلا فلن يكون الاعتذار مؤثراً.


اعتذار الدقيقة الواحدة يبدأ بالتسليم بالخطأ

الاعتذار موضوع مشوق واعتقد أن أغلبنا لا يعرفون في الواقع كيف يعتذرون بطريقة فعالة.
يبدأ اعتذار الدقيقة الواحدة بالتسليم بالخطأ، وعملية التسليم بالخطأ تتم بشكل سليم عندما:
1. نكون صادقين مع أنفسنا ونعترف بأننا قد ارتكبنا خطأ ونحتاج إلى أن نكفر عنه
2. نتحمل المسؤولية الكاملة عن أفعالنا وعن أي أذى سببناه لشخص آخر
3. يكون لدينا إحساس بأن تقديم الاعتذار هو شيء ملح للغاية نقدمه بأسرع ما يمكن.
4. نخبر بالضبط كل من سببنا له الضرر أو الأذى بما ندرك الآن أننا قد أخطأنا فيه وأن نكون محددين للغاية وأن نفعل ذلك.
5. نطلع من تسببنا في إيذائهم بالمشاعر السيئة التي نحس بها تجاه ما فعلناه ونوضح أنها سيئة بما يكفي لكي تجعلنا نغير من سلوكنا ونمتنع عن تكرار هذا الأمر ثانية.

لعل دقيقة واحدة من تصارحنا مع نفسنا تفوق في قيمتها أياماً وشهوراً أو سنوات نقضيها في خداعها فإذا انتظرنا فترة طويلة قبل أن نعتذر فسيرى الناس عدم اعتذارنا على أنه رغبة في إلحاق الأذى بالآخرين .



ينتهي اعتذار الدقيقة الواحدة بالاستقامة:
عندما نسلم بالخطأ الذي ارتكبناه فنحن نبرهن على صدقنا، أما الاستقامة فهي أن تأتي أفعالنا بعد ذلك مطابقة لما نقوله. فالصدق هو أن نعترف بالحقيقة أمام نفسنا وأمام الآخرين والاستقامة هي أن نعيش هذه الحقيقة. تتصف الاستقامة بما يلي:

1. ندرك ما فعلناه أو ما فشلنا في فعله شيء خاطئ ويتناقض مع حقيقة الشخص الذي نود أن نكونه
2. نعيد التأكيد على أننا أفضل من السلوك الذي بدر عنا ثم نسامح نفسنا.
3. ندرك إلى أي مدى قد ألحقنا الأذى والضرر بالآخرين بأخطائنا ثم نحاول التكفير عنها وتعويضهم عما ألحقناه بهم من ضرر وأذى
4. نتعهد أمام نفسنا وأمام الآخرين بعدم تكرار هذا الخطأ مرة أخرى ونبرهن على هذا التعهد بأن نغير من سلوكنا.

يجب على الإنسان دائماً أن يعيد التأكيد على قيمه وعلى نواياه الطيبة. يجب أن يدرك أنه إنسان طيب وأن سلوكه هو الذي يعرقله بين الفينة والأخرى ولذلك فلا يجب أن يبتئس من نفسه ولكن من سلوكه فقط، فليس من البشر من يتصف بالكمال فنحن جمعياً نقوم أحياناً بعمل بعض الأشياء التي تتناقض مع الإرث الذي نود أن نتركه ولكن استقامة الإنسان تقاس بمدى سرعته في تصحيح أخطائه للعودة إلى المسار الصحيح. فقول "أنا آسف" وحده لا يكفي إذا لم يصحبه تغيير في سلوكنا والطريقة الوحيدة التي يمكننا بها أن نوضح أسفنا الشديد تكون عن طريق التغيير من سلوكنا.  بهذه الطريقة سوف يتأكد الشخص الذي أخطأنا في حقه من أننا ملتزمين بعدم تكرار هذا الخطأ.


5. حالات تستوجب الانتباه:
6. إذا لم نكن قد ارتكبنا خطأ ما – بقصد أو بدون قصد – فإن الاعتذار لن يكون مناسباً في هذه الحالة فلا يجب أن نعتذر استرضاءً للطرف الآخر ففي هذه الحالة لن نكون صادقين مع نفسنا.
7. عندما تتضارب الآراء حول الحاجة إلى تقديم الاعتذار فإن حل الصراع يصبح هو المسألة التي يجب التركيز عليها. وإذا أردنا أن نصلح من شأن هذه العلاقة فنحن نحتاج في هذه الحالة إلى وسيط محايد يستمع إلى كلا الطرفين حتى يستطيع المساعدة في الوصول إلى حل عملي يمكن تطبيقه.

8. ماذا نفعل لو أقسم شخص نعمل معه على أننا قد أخطأنا في حقه ولكننا لا نستطيع أن نتذكر ذلك؟ علينا أولاً أن نستمع إلى هذا الشخص. نقوم بتوجيه بعض الأسئلة إليه. ونكون على استعداد لنقبل أننا قد قمنا بعمل خطأ ما رغم أننا لا ندرك ذلك وعندئذ يمكننا أن نخبر ذلك الشخص بالحقيقة من وجهة نظرنا وهي أننا ما كنا لنلحق به الأذى عن عمد هذا بالإضافة إلى أننا نتألم لرؤيته وهو في هذه الحالة من القلق والانزعاج.

9. إن الاستهانة بكلام أو آراء أو أفكار شخص ما من الممكن أن يكون لها آثار ضارة على هذا الشخص فعندما لا نستطيع أن نتذكر خطأنا معتبرين الحادثة على أنها غلطة طفيفة أو أننا كنا مشغولين جداً لدرجة أننا لم نتمكن من التفكير في تأثير تصرفاتنا على هذا الشخص فإن هذا يبدو وكأننا نتجاهل هذا الشخص ولا نعبئ به على الإطلاق. في مثل هذه الحالات علينا القيام بالتأكيد له على أننا لم نتعمد إيذائه وعلى أننا على استعداد لتصحيح هذا الموقف.  

10.     ماذا لو كنا لا نحب ذلك الشخص الذي نشعر بحاجة إلى الاعتذار إليه؟ قد يبدو ذلك صعباً في البداية ولكن سواء كنا نحبه أم لا فذلك شيء لا يهم فنحن نعتذر لان هذا هو الشيء الصائب الذي يتوجب علينا فعله. كما يمكننا أن نسأل نفسنا في هذه الحالة هذا السؤال : ما الذي يمنعني من حب هذا الشخص ؟

11.     ماذا لو تذكرنا شيئاً كنا قد انتوينا فعله ولكننا نشعر الآن أن الوقت قد فات على القيام به؟ علينا ألا نفترض أبداً أننا نعرف ما يدور بخلد شخص آخر. إن الفرصة سانحة أمامنا الآن لتصحيح الخطأ بتقديم الاعتذار.

كيف نصبح قادرين على أن نتقبل نفسنا؟

نصبح قادرين على أن نتقبل نفسنا عندما:
1. يكون تقديرنا لشخصنا غير معتمد في الأساس على أدئنا وعلى رأي الآخرين فينا.
2. نكون مستعدين للإقرار بأخطائنا بغض النظر عن النتيجة.
3. لا نقلل من شأن نفسنا ولكن نقلل من التفكير فيها.
4. ندرك أنه من المستحيل أن تحقق ما يكفي من التقدير أو تحصل على ما يكفيك من سلطة وما يكفي من الأشياء لكي تحصل على حب أكثر فهناك من يحبك بالفعل بدون شروط.  

في الختام:
نعتذر لا لكي نحصل على نتيجة معينة ولكن لأننا قد أدركنا أننا قد أخطأنا وأن هذا هو الشيء  الصحيح الذي يتوجب علينا فعله، إذ يجب ألا يكون اعتذارنا مرتبطاً بالنتيجة التي نحققها من وراء الاعتذار أو برد فعل من نعتذر له سواء قبل اعتذارنا وسامحنا أو لا.

عندما نعتذر بصدق وإخلاص ونسامح نفسنا عما ارتكبناه من أخطاء ونكفر عنها ونثبت للآخرين أننا قد تغيرنا فإننا عندئذ سوف نحظى بمزيد من راحة البال كما أن الآخرين سوف يشعرون بنفس هذه المشاعر أيضاً راحة البال... أليس من الغريب أنها لا تكلفنا أي شيء وهي في متناول أيدينا في كل الأوقات ومع ذلك نشعر وكأنها بعيد المنال؟

كل اعتذار يجعلنا أكثر إدراكاً لمدى تأثير سلوكنا على الآخرين لان كل اعتذار سنقدمه بعد الآن سيساعدنا على أن نكون أكثر وعياً بالتأثير الذي يقع على الآخرين جراء سلوكنا وسوف يعلمنا أن نكون أكثر حساسية وحذراً ومراعاة لمشاعر الآخرين في المستقبل عندئذ يمكن أن نحدث أثراً في الآخرين ويمكن في النهاية أن نجعلهم أكثر حساسية تجاه نتائج سلوكهم.


إن الشيء المعتاد عندما نرتكب خطأ ما هو أن نحاول إيجاد الأعذار والمبررات بطريقة أو بأخرى، لكن عندما نقر بأخطائنا ونحاول الاعتذار إلى الأشخاص الذين ألحقنا بهم الأذى ونجعلهم يشعرون بحقيقة مشاعرنا تجاه ما ارتكبناه في حقهم ونقوم بالتكفير عن أخطائنا فإننا نستطيع أن نستعيد ثقة الآخرين فينا للحفاظ على علاقة جيدة.

هذه أفكار من كتاب "اعتذار الدقيقة الواحدة" إذا أعجبتكم أنصحكم بقراءة هذا الكتاب وخاصة أنها جاءت من سرد قصة جميلة وممتعة. أشكركم على الدقائق التي منحتموني إياها في قراءة هذا المقال وأتمنى أن تستفيدوا من هذه الأفكار وتستخدموها في حياتكم.



س3: لمن يعتبرون الاعتذار صعباً.. هل غيركم الكتاب ؟

الجواب الكثير ممن قرأوا الكتاب: جعلني أفكر في الموضوع وفي الأمور التي ذكرها.

و لنختم بهذه القصة الرائعة للرئيس الذي اتسم بالانسانية السيد لنكولن:

هفوة الرئيس إبراهيم لينكولن (بالإنجليزية: Abraham Lincoln):

 (كتبها كارل ساندبرج في أحد كتبه)

أثناء الحرب الأهلية، قام الكولونيل "سكوت"، وهو أحد قادة القوات التي تقوم بحراسة العاصمة من الهجوم الذي قد يحدث من قبل قوات التحالف، بزيارة الرئيس أبراهام لينكولن.
كانت زوجة سكوت قد توفيت في حادث تصادم باخرة عندما كانت في طريق العودة إلى موطنها بعد رحلة إلى واشنطن لزيارة زوجها المريض.
وكان الكولونيل سكوت قد التمس من قائده أن يعطيه إجازةلكي يتمكن من حضور مراسم دفنها ولمواساة أبنائه، ولكن طلبه قوبل بالرفض؛ فقد كانت هناك معركة وشيكة وكانت هناك حاجة ملحة إلى جميع الضباط.
ولأن سكوت كان موقناً من أن الحق في جانبه، فقد قام بتمرير طلبه حسب التسلسل الصحيح للقيادة حتى وصل إلى قائد الجيش الذي رفض طلبه هو الآخر، لذا فقد قام الكولونيل سكوت بتصعيد طلبه إلى أعلى مستوى.
وصل سكوت إلى المكتب الرئاسي في وقت متأخر في أحد أيام السبت، وكان هو آخر من سمح له بمقابلة الرئيس في تلك الليلة. استمع لينكولن إلى القصة، وانتظر سكوت رد فعله وعندئذ انفجر لينكولن فيه قائلا ً: " ألا يجدر بي أن أستريح أبداً؟ ألا يوجد أي وقت أو أي مكان أستطيع أن أستريح فيه من هذه الطلبات الملحة؟ لماذا تلاحقني هنا بمثل هذا الطلب؟ لماذا لا تذهب إلى المكتب المختص بشؤون الجيش حيث يوجد المسؤولون المكلفون بمثل هذه الأمور؟ ". وعندما أخبره سكوت عن رفض قائد الجيش لطلبه، رد عليه الرئيس قائلاً: "إذاً فكان حريٌ بك ألا تقطع كل هذه المسافة إلى هنا، لأنه على دراية كاملة باحتياجات الساعة وهو يعلم أيضاً القواعد الضرورية، والقواعد توضع لكي يتم تنفيذها.

سوف يكون خطأ مني إذا ما تغاضيت عن قراراته وقواعده الخاصة بهذا الشأن، فمن الممكن أن يتسبب ذلك في كارثة محققة عندما تقوم القوات بالتحرك. كما أنك يجب أن تتذكر أن لدي مهام لأخرى كثيرة ولا يمكنني أن أجد الوقت لننظر في مثل هذه الطلبات الآن، فلماذا جئت إلى هنا؟ لتناشد إنسانيتي؟
ألا تعرف أننا في غمرة الحرب الآن؟ وأن المعاناة والموت يضغطان علينا جميعاً؟ وأن التصرفات التي تتسم بالإنسانية والعطف والتي كنا نقوم بها بكل فرحة في أوقات السلم قد وطئت بالأقدام وحرمت بعد قيام الحرب؟ وأنه لم يعد لها مكان الآن؟ ليس أمامنا الآن إلا واجب واحد، وهو أن نتقاتل؟!

لقد سحق الحزن كل أسرة على هذه الأرض، ولكن يجب ألا يأتي الجميع إلي طلباً للمساعدة. إنني أحمل على كاهلي أعباءً تفوق قدرة أي إنسان. عليك الآن بالذهاب إلى إدارة شئون الحرب، فهي الجهة المختصة بالتعامل مع مثل طلبك.
وإن لم يكن بمقدورهم مساعدتك، يتوجب عليك في هذه الحالة أن تتحمل أعباءك، كما يتوجب عليناجميعاً، حتى تنتهي هذه الحرب. كل شيء يجب أن يطوع لخدمة الواجب الأسمى وهو إنهاء هذه الحرب". وإذ ذلك عاد سكوت إلى ثكنته مثقلاً بالهموم والأفكار.
وفي صباح اليوم التالي سمع سكوت طرقة على الباب ففتحه ليجد الرئيس بنفسه واقفاً أمامه. وجذب الرئيس يدي سكوت ليصافحه ثم ابتدره قائلاً: " عزيزي الكولونيل، لقد كنت في غاية الفظاظة ليلة أمس، ولا يوجد لدي أية أعذار. لقد كنت في غاية الإرهاق، ولكن لم يكن لي الحق في معاملة رجل مثلك وهب حياته لخدمة بلاده بهذه الطريقة الوقحة، والأكثر من ذلك أن الآن تعاني ألماً عظيماً وحزناً شديداً لموت زوجتك. لقد قضيت ليلة مليئة بالندم بالأمس، وقد جئت إليك الآن لألتمس منك أن تسامحني".
ثم أخبره أنه قد رتب الأمور مع قائد الجيش حتى يستطيع حضور جنازة زوجته. وقام الرئيس لينكولن باصطحابه في عربته الخاصة إلى الميناء ليستقل الباخرة، ودعا له بالتوفيق.

منقول بتصرف
جمال أبو أنفال/2018-12-01

Share:

نجوم



Al_Ihtiram
Image جمال

اليومية

Imagedjamal
Image and video hosting by TinyPic

يمكنك تغيير البلد و المدينة مباشرة بتحريك المصعد



Image and video hosting by TinyPic الأغواط

مدينة الأغواط

الساعة و التاريخ بالجزائر

مرحبا

مرحبا

وصف المدونة

مدونة تهتم بالفكر التربوي، بالإبداع التربوي و الإداري ، بالشخصيات التربوية، بأسرار التفوق ، و النجاح، ، بالفيديو التربوي، و بالصورة التربوية.

جديد/مدونة الدعاء الجميل إضغط على الصورة

الدعاء الجميل
تحويل التاريخ الميلادي إلى الهجري و العكس

مدونة كتب تهمك

الدعاء الجميل

مكتبة الدكتور الصلابي/اضغط على الصورة

أحدث المواضيع

الاكثر قراءة