الجدل المذموم كبر
الجدل مرض نفسي يصيب القلب و يلوث العقل و اقصد هنا الجدل المذموم ، الذي يفضي
بصاحبه إلى الكبر و يصيب أذنيه بالطرش فتصم عن سماع الحق و الحقيقة..
صحيح أن الجدل نوعان جدال
محمود نافع يراد بع النفع و جدال مذموم و هو المرض النفسي الذي أعني.
النوع الأول: الجدال المحمود:
وهو كلُّ جدالٍ أيَّد الحقَّ أو أوصل إليه
بنِيَّة صالحة خالِصة وطريق صحيح.
قال تعالى: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
﴾ [النحل: 125]،
النوع الثاني: الجدال المذموم:
والجدال المذموم: هو كلُّ جدال أيَّد الباطلَ، أو أَوْصَل إليه، أو شغل عن ظهور الحقِّ ووضوح الصَّواب، أو كان بغير علمٍ وبصيرة، فهو ناشِئ عن جهلٍ،
وسوءِ خُلُق، وتعَصُّبٍ للرَّأي، والغرض منه: الظُّهور والفخر، فصاحبه يتعصَّب لرأيه، سواء كان على صوابٍ أو خطأ، وإن رُدَّ عليه بعض كلامه يَغضب، ولا تهدأ نفسُه حتى يتنازل مَن يناظره عن رأيِه.
والجدال المذموم آفَةٌ عظيمة، وداءٌ عضال، وقع فيه كثيرٌ من المسلمين، وهو يُذكِي العداوةَ، ويورث الشقاوة،
ويقود إلى الكذب، فإذا تجنَّبه المرء سَلِم من اللَّجاج، وحافَظ على صفاء قلبه.
و الجدل المذموم سببه الكبر..و اسمحولي هنا
أن أورد كلمات وردت في كتاب الدكتور عمر
عبد الكافي(أمراض القلوب):
يقول الدكتور:
في زماننا أكثر الناس مصابون ببلاء عظيم و
هو مرض الكبر...
و الذي اراه ان الناس و كأنهم في حالة تمرد،الكل يتكبر إن
قلت له الشمس تشرق من الشرقيقول لك المسالة فيها خلاف! ..فهو لا يبغي إلا الاعتراض،الذي
يسري في دمه، حتى على حقايق الأمور الثابتة في حين أن الانسان السليم يحب ان يستمع
لمن يدله على طريق الخير.
لم أر ولدا صغيرا او زوجة أو جارا او زميلا او تلميذا يقبل النصيحة
فلم هذا؟؟؟.
اعتزل أحد التابعين قومه ،و أخذ يعبد الله في فلاة ، فرآه قومه
يوما فسالوه عن سبب عزلته ، فقال : كلما رايتموني مدحتموني و لا أجد فيكم من
ينصحني في الله و يبصرني بعيوبي فلا فائدة فيكم.
تجد أغلبهم إلا من عصم الله يتمردون على العلماء،فإذا قال
العالم حرام ، يقولون سالنا عالما آخر
فقال حلال.
و إذا قلت لهم : إن في الأمر شبهة، يقول لك
: أنا لا أرى فيه شبهة.
أما إذا قلت لهم ان هذا طلاق واقع ، يقول
لك :إن الأحناف يقولون بخلاف ذلك ،مع أنه لم يدرس الفقه الحنفي و لا غيره.
يا أخي إنك تذهب على الطبيب ،و بعد الكشف و التحاليل ، فيقول لك
التكلفة كذا و كذا فتدفعها و لا تجادل،فإن استعصى عليك المرض فإنك تحجز تذكرة سفر ،
ثم تسافر على بلد متقدم في مجال الطب ،لأنك تخاف على صحتك ، مع أن هذه الرحلة تكلف
الألاف و تدفعها بكل رضا.
فالعلماء كذا يبحثون عن علاج لأمراض قلبك،و
لا يطلبون منك شيئا إلا استجيب لكلام الله و سنة
حبيبه، ورغم ذلك فإنك تابى ..فاي كبرأكبر من هذا؟؟؟! انتهي كلام الدكتور..
عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ).
إن هذا التمرد أي فشْو الجدل في المسلمين ما هو إلا إفراز لتربية
عقلية صاغتها وسائل الإعلام بما يسمى بالرأي و الرأي الآخر، و المسلسلات التي تبث
روح التمرد في الشباب برفض نصيحة الآباء و الأمهات و المعلمين و المعلمات ، صيغت
في هذه الوسائل بطرق إقناع استعملت فيها
نماذج شاذة لأولياء فاسدين و تربويين منحرفين عن الجادة الحسنة و هم قلة في
مجتمعاتنا المسلمة لكنها عُرضت و كأنها الغالبية العظمى، كل هذا بدعوى إشاعة الحرية
و التفكير الحر و بغرض مزعوم هو الوصول إلى
الحقيقة ..
و لم يصلوا إليها ابدأ بل هدموا بنيانا مرصوصا من الثقة و احترام و التقدير للكبار
و العلماء و ما الحملة التي نراها اليوم على المؤسسات الدينية و على العلماء
المخلصين غلا دليلا على ما اقول فليحذر الشباب من هذه الدعوات الهدامة التي تساق
لهم بل تُطعمُ لهم في صيغة عسل مسموم يدعى الفن.
جمال بن السايح أبو انفال
1440-05-16 هـ - 22-01-2019
